غرباء عن أبجديتنا

أمام الشاشة

أجلسُ أمام الشاشة
أستجدي الحروفَ أن تلتئم…
أن تتعانق،
أن تشكل كلمة.

وأنا…
أنا الذي كنتُ أفتّت الحرفَ كما تُفتّت الذرّة،
وأكتبُ بشظاياه
ألفَ كلمةٍ وكلمة…

لا بدّ أن الأمر استفحل،
خرج عن السيطرة،
وانفلتتْ مني اللغةُ
كما ينفلتُ الحلمُ عند الصحو.

بينَ الحروفِ وبيني
بحرٌ من صمت،
كلما حاولتُ السباحة فيه
غرقتُ أكثر…

كانتْ الحروفُ تركضُ إليّ
فرِحة،
تتسابقُ على لساني وأصابعي،
كأني كنتُ سيّدَها…
واليوم؟
تهربُ مني،
كأني غريبٌ عنها
وغريبٌ عني.

كم من نصٍ كنتُ أنحتُه من العدم،
كم من قصيدةٍ كنتُ أستخرجُها من قلب الليل
لتضيء!

والآن؟
لا حرفَ يجيب نداءي…
لا جملةَ تكتمل…
لا معنى ينقذني من التيه.

ربما الحرفُ لا يُستجدى.
ربما هو حرية
يمنحُها القلبُ لنفسه…

سأعيدُ ترتيبَ أنفاسي،
وأمسحُ غبارَ اليأسِ عن أصابعي،
وأجلسُ طويلًا،
طويلًا…

حتى تعودَ الحروفُ،
ولو زحفًا،
إلى هذا المكان…
إلى حيث كانتْ
تنبض،
وتعيش،
وتولدُ في داخلي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Pinned Post

🌱 سأنتفع بها أنا… ثم لِمَ لا أنفع بها غيري؟

🌱 سأنتفع بها أنا… ثم لِمَ لا أنفع بها غيري؟ في ضوء قوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" ...