تأخرنا… دفنّاه مرتين
تأخرنا… دفنّاه مرتين.
مرةً حين كان بيننا حيًّا يتألم، ومرةً حين حملناه إلى القبر بصمت ودموع.
رأيناه يتقلّب في ضيقه، يختنق بكبريائه، يخفي حاجته خوفًا من الانكسار، وسكتنا.
مررنا أمامه ونحن نعلم أنه لا يعيش بل ينجو يوماً بيوم، ومع ذلك لم نفعل شيئًا.
ثم حين مات… اجتمعنا.
تهافتنا نحمل له الطعام الذي لم نُقدّمه له وهو حي.
لحوم، خضر، فواكه… كم بدا كرمنا جميلًا، لكن متأخرًا!
لو أننا طرقنا بابه قبل أن يُغلق إلى الأبد،
لو أننا قلنا له كلمة طيبة قبل أن يُغلق فمه الكفن،
لو أننا غسلنا فقره ببعض العطاء، بدل أن نغسل جسده بالماء…
لو أننا خففنا عنه في الحياة، ما احتجنا إلى أن نبحث له عن أجر بعد موته.
كم مرة دفنّا ضميرنا قبل أن ندفن أحبابنا؟
كم مرة أخّرنا المعروف حتى فات أوانه؟
فلنصنع شيئًا قبل أن يصبح العزاء هو الشيء الوحيد الذي نجيده.
لا نريد أن نكرّر هذا الندم كل مرة…
لا نريد أن تبقى الكلمة الطيبة، والزيارة، واللقمة، رهينة العزاء فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق